أعلان الهيدر

الرئيسية قصة العطار و العقد

قصة العطار و العقد

قدم رجل الى بغداد فى طريقه الى الحج . و كان معه عقد يساوى ألف دينار . فأجتهد فى بيعه فلم يجد مشترياً . فجاء الى عطار موصوف بالخير ، فأودعه اياه .
ثم حج و عاد ، و اتاه بهدية . فقال العطار : من أنت ؟ و ما هذا ؟
فقال : أنا صاحب العقد الذى أودعتك .
فما كلمه حتى رفسّه العطار رفسة رماه عن دكانه . و قال : تدّعى علىّ مثل هذه الدعوى !
فأجتمع الناس و قالوا للحاج : ويلك ! هذا رجل خير . ما وجدت من تدّعى عليه الا هذا ؟!


فتحير الرجل ، و ترّدد اليه ، فما زاده الا ضرباً و شتما ً .
فقيل للحاج : لو ذهبت الى عضد الدولة ، فله فى هذه الأشياء فراسة .
فكتب الحاج قصته ، و رفعها الى عضد الدولة . فصاح به فجاء . فسأله عن حاله ، فأخبره بالقصة .
فقال عضد الدولة : اذهب الى العطار بكرة ، و اقعد على الدّكّة أمام دكانه . فان منعك فاقعد على دّكّة تقابله من الصبح الى المغرب ، و لاتكلمه . و افعل هكذا ثلاث أيام ، فانى أمر عليك فى اليوم الرابع ، و أقف ، و اسلم عليك ، فلا تقم لى ، و لاتزدنى على ردّ السلام و جواب ما أسالك عنه .
فجاء الحاج الى دكان العطار ليجلس فمنعه ، فجلس بمقابلته ثلاثة أيام . فلما كان اليوم الرابع ، اجتاز عضد الدولة فى موكبه العظيم . فلما رأى عضد الدولة الحاج وقف ، وقال : سلام عليكم !
فقال الحاج دون أن يتحرك : و عليكم السلام .
قال عضد الدولة : يا أخى ، تقدم الى بغداد ، فلا تأتى الينا ، و لاتعرض حوائجك علينا ؟!
قل الحاج : كما اتفق ( هكذا كان ) .
و لم يشبعه الكلام ، و عضد الدولة يسأله و يهتم ، و قد وقف و وقف العسكر كله ، و العطار قد أغمى عليه من الخوف . فلما انصرف الموكب ، التفت العطار الى الحاج و قال : ويحك ! متى أودعتنى هذا العقد ؟ و فى أى شىء كان ملفوفاً ؟ فذكرنى لعلى أذكره !
فقال : من صفته كذا و كذا .
فقام العطار و فتش ، ثم نقض ( كسر ) جرة عنده فوقع العقد .
فقال : قد كنت نسيت . و لو لم تذكرنى فى الحال ما ذكرت !



من كتاب

"أخبار الأذكياء" لأبن الجوزى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.